• Home
  • Arabic
  • APM Model
  • Maritime Continent Climate
  • Arabian Peninsula Desert Climate
  • ZWB Index
  • MJO
  • BSISO
  • QBO
  • AAI
  • ​Tropical Sea/Land Breeze
  • Cold/Warm Event
  • EARTH ORIENTATION PARAMETERS
  • Blog
TROPICAL BREAKS PHENOMENON THEORY
  • Home
  • Arabic
  • APM Model
  • Maritime Continent Climate
  • Arabian Peninsula Desert Climate
  • ZWB Index
  • MJO
  • BSISO
  • QBO
  • AAI
  • ​Tropical Sea/Land Breeze
  • Cold/Warm Event
  • EARTH ORIENTATION PARAMETERS
  • Blog
TROPICAL BREAKS PHENOMENON THEORY

معلم موهبة - مبتكر النموذج العربي للتوقعات المناخية - المشروع العربي 

1- MJO Studies : By: Khalid Al-Otaibi [KO-MJO Methodology] منهجية خالد العتيبي في المشروع العربي

6/22/2018
Picture


​في مركز أبحاث الأرصاد الجوية في ملبورن في أستراليا
نتجت المنهجية الحديثة - آخر منهجية رسمية - لمحاكاة ورصد وتنبؤ تذبذب الرياح المدارية ، المعروف باسم تذبذب مادن جوليان
على يد اثنين من الخبراء في ذلك المركز ، وهما

ماثيو ويلر وهاري هيندون
​
Matthew C. Wheeler and Harry H. Hendon
​
​ Bureau of Meteorology Research Centre , Melbourne, Australia

عبر ورقة نشرت في شهر أغسطس 2004 بعنوان
​
An All-Season Real-Time Multivariate MJO Index: Development of an Index for Monitoring and Prediction

​وهي التي بدأت منها المراحل الثمانية لتذبذب مادن جوليان أو تذبذب الرياح المدارية

Picture
Picture

مراحل ثمان تليها المرحلة التاسعة ، وهي ما أسماها هاري هيندون وماثيو ويلر بمرحلة ضعف التذبذب

:::

لا يزال هذا الأسلوب المستنبط من التحليل العاملي الزمكاني

​Empirical Orthogonal Functions EOFs

يثير الكثير من الجدل منذ ظهور جهد ويلر - هيندُن في الأوساط العلمية 2004
​
ولاشك أن له من المزايا الكثير كتبسيط أو بالأصح اختصار بعض ما تعقد من حياة ونشاط تذبذب الرياح المدارية في قيمته اليومية وبالتالي تسهيل جزء من عمليات الرصد والتنبؤ

بجانب الأخطاء والتشويش الذي يعتري نتائج هذه المنهجية ، والتي تصل إلى ضعف استقرار وثبات هذه المنهجية مع النماذج العددية الديناميكية والإحصائية أيضا ، ما أدى إلى كثرة الدراسات والأبحاث المتنوعة والتي ينادي بعضها باستخدام أسلوب تحليلي آخر غير تحليل المكونات الرئيسية
​
​وقد كان هاري هيندون وماثيو ويلر يعترفان بذلك الضعف في التحليل العاملي .. خاصة هاري هيندون

::::::
​::::::


المنهجية الحديثة - منهجية خالد العتيبي

 Khalid Al-Otaibi [KO-MJO Methodology]

نظرا لكثرة الأسئلة حول فحوى المشروع الذي أعمل عليه منذ سنوات
كان هذا الطرح مبسّطا لجزء من أفكار هذا العمل الطويل ، توضيحا لهذا الجانب الكبير في المناخ العالمي

::::
​​

تقوم هذه المنهجية في الأساس على حل مشاكل محاكاة تذبذب الرياح المدارية من جهات رباعية الأبعاد ، هي

الزمن والمكان والرياضيات والفيزياء

في موضوع أطرحه هنا على ثلاثة أجزاء ، يمثل بتوفيق الله ورعايته محصلة العمل مع الأرصاد الجوية اليابانية منذ سنوات
وستكون نتائجه قريبا إن شاء الله هناك بمشروع ، هو قائم الآن والحمد لله بمعظم معطياته ومفاهيمه ، يحمل بعدا معرفيا جديدا حول هذه الظاهرة الطبيعية واسعة الانتشار
​​
سأناقش هذه القضايا المهمة من جهة مناخنا الصحراوي ، نظرا لما يمثله مناخ الصحراء من أهمية كبيرة في نشأة وتطور ونشاط وتركز وضعف تدفق تذبذب الرياح المدارية ، ومن جهة نظم المناخ العالمية ، والآثار العالمية التي يتركها هذا التذبذب الضخم
والذي يمثل بناء الكثير من المعطيات المناخية في القيمة الفعلية وقيمة التطرف

أولا : البُعد الزمني

دورات تذبذب الرياح المدارية

Picture


في المخطط تتضح النماذج الزمنية المختلفة لتذبذب الرياح المدارية مادن جوليان

فهناك النموذج الزمني اليومي والذي يدور حول الفترة بين يوم واحد حتى 10 أيام
وهناك النموذج الزمني شبه الموسمي والذي يبدأ من 25 يوما حتى 45 يوما
وهناك النموذج الزمني الموسمي والذي يبدأ من 60 يوما حتى 90 يوما


يمثل النموذج الزمني الأول حركة التذبذب المداري الأقصر والأسرع
ويمثل النموذج الزمني الثاني حركة التذبذب المداري في القيمة الوسط
ويمثل النموذج الزمني الثالث حركة التذبذب المداري الأكثر بطئا

​هذه السلسلة هي بناء وقوام هيكل النموذج الزمني لهذه الظاهرة الطبيعية الضخمة من وجهة نظر المشروع

يتم العمل بهذه المنهجية على سوبر كمبيوتر الأرصاد الجوية اليابانية يوميا
وباستخلاص عدة عناصر مناخية مهمة تتحرك مع النشاط المداري كجزء من حركته وبنائه
​ 
​ كمثل : الحمل الحراري والرطوبة النوعية والحرارة والأمطار والرياح والضغط الجوي والموجات الدائمة التجدد والموجات المتحركة
ثم حركة تيارات المحيطات المدارية ، ودرجات الحرارة وحركة الرياح في الستراتوسفير المدارية للتركيز على تذبذب الرياح المدارية شبه ثنائي السنوات والذي هو الآخر شكل من أشكال تذبذب الرياح المدارية ولكن على مستوى أعلى
وله مناقشة مفردة في الجزء الثاني إن شاء الله

​هذه المعطيات والعناصر المناخية جميعها تتحرك في آن واحد مع حركة موجات تذبذب الرياح المدارية وسلسلته الزمنية المختلفة

 هذه المنهجية (اختيار أزمنة محددة) لها في الأصل شبه - تقريبا - بفكرة رولاند مادن وبول جوليان الأولى
ففي تعريفهما للتذبذب المداري ؛ عادة يذكران طول فترة نشاط الموجات فيه بين 30-60 يوما ، ولكنهما اختارا قيمة يومية تقيس مدة نشاط الموجة اليومية بين 30-60 يوما ثم توقفا عند هذه النقطة

وهذا ما تجاوزته في المشروع بإضافة نماذج مستقلة للتذبذب تحاكي دوراته المختلفة ، فهو ليس نظاما عابرا بقيمة يومية فقط ، بل هو نظام ينبئ صراحة وبكل وضوح عن قوة عميقة في داخله مليئة بالتنوع والتدرج والحركة

وبهذه الدورات يتضح بجلاء علاقة تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان بتذبذب الرياح الاستوائية شبه ثنائية السنوات في الستراتوسفير الاستوائية
​والذي يمثل بعدا آخرا في العلاقة والتأثير والذي هو أحد أشكال تذبذب الرياح المدارية على نحو زمني طويل ولكن في مستويات عليا

إن تذبذب الرياح المدارية شبه ثنائي السنوات في الستراتوسفير المدارية
Quasi-Biennial Oscillation
​يعطينا أهم إشارة على بداية موجة كلفن الكبرى في المستوى السفلي من الغلاف الجوي المداري وتحول الرياح إلى شرقية في المحيط الهندي وغربية في المحيط الهادئ
​
::::
​
إن السبب الرئيسي لوجود هذه المنهجية في النموذج الزمني لمحاكاة التذبذب المداري
هو أن توزّع وتأثير تذبذب الرياح المدارية على مستوى كوكب الأرض غير متساو
بسبب جيولوجي - اليابسة والماء - وبسبب فيزيائي وإحصائي - هيكل ودورات التذبذب - خلال الموسم

​غير متساو من ناحية الزمن والتأثير

إن القيمة الصغيرة في معطيات تذبذب الرياح المدارية كنظام شمولي تجدها شديدة التذبذب وبقيم تذبذب عالية ولكنها تتبع في الغالب إلى القيمة الرئيسية الأكبر منها والتي هي تتحرك بشكل بطيء وبتذبذب أقل

فإذا كانت قيمة التذبذب المداري نشطة في القيمة اليومية على مرحلة معينة مثلا ، هذا لا يعني بالضرورة أن القيمة شبه الموسمية أو الموسمية في نفس المرحلة ، وهذه العملية هي قوة هذا الأسلوب وأفضليته عن الأسلوب الحالي كما سنرى

فحركة الحمل الحراري فوق المحيطات المدارية تختلف عنها في الصحاري التي تغطي مساحة هائلة من مساحات نشاط تذبذب الرياح المدارية
​ 
وقد استحضرت عند بناء هذه المنهجية قصة المناخ القديم والحاضر لمناخ تلك الصحاري التي أخذت منذ أكثر من 4000 آلاف سنة مضت تميل بشدة
إلى طول فترة بقاء الحمل الحراري الضعيف عليها والجفاف المتتابع نتيجة هذا التغير الكبير في نظام تذبذب الرياح المدارية
الذي هو صدى لتغيرات كبرى داخل وخارج مكونات الغلاف الجوي​
​
صحراء شبه الجزيرة العربية وصحراء الشام في سوريا والأردن وصحراء العراق وفي الصحراء الأفريقية
والتي بمساحة بقدرها

9,100,000 + 2,330,000 + 520,000 = 11,950,000 km2

الصحراء الكبرى مساحتها 9 ملايين كم مربع
وصحراء شبه الجزيرة العربية مساحته 2 مليون وثلث المليون كم مربع
بينما صحراء العراق والشام فهي بمساحة نصف مليون كم مربع


فضلا عن بقية الصحاري المدارية

هذه المساحة الصحراوية العربية الشاسعة والضخمة ، القريبة من 12 مليون كم مربع
تتصف فيها حركة الحمل الحراري بطابع مختلف تماما عن المنطقة المدارية
​
ولديها ميل شديد جدا ناحية دورة التذبذب المداري شبه الموسمية الواقعة في حدود 45 يوما
ودورة التذبذب المداري الموسمية الواقعة في حدود 60 و 90 يوما خاصة الأخيرة

وهي بيئة مناخية تنتج الحمل الحراري الضعيف (هواء جاف يهبط باستمرار على الصحراء) بشكل متتابع ، لذا، الصحراء هي إحدى مصادر أشكال نشاط تذبذب مادن جوليان المختلفة عبر الموجات المدارية الضعيفة والمراحل الجافة التي تتشكل عليها وتزداد وتنتشر في بقية بقاع المنطقة المدارية

​إن أثر الصحراء عميق جدا في حياة ونشأة وحركة وتركز تذبذب الرياح المدارية​

بينما الدورة اليومية للتذبذب المداري فهي بالنسبة للصحراء العربية والأفريقية مختلفة كثيرا عن بقية المنطقة المدارية
​وتظل مرتبطة دوما بالدورات الأطول في سلسلة موجات تذبذب الرياح المدارية

إن الصحراء العربية الأفريقية تتأثر بشدة مع دورات تذبذب الرياح المدارية شبه الموسمية والموسمية
بل وتؤثر أيضا في دورات تذبذب الرياح المدارية على المنطقة البحرية جنوبي شرق آسيا

خاصة الدورات التي ترقى من 25 يوما حتى 45 وصولا إلى 60 و 90 يوما
​
إن التغير البطيء الذي تُحدثه دورات تذبذب الرياح المدارية الموسمية في مناخ تلك الصحاري يشبه تماما التغير البطيء الذي يُحدثه تذبذب الرياح المدارية في دورته الموسمية في درجات حرارة مياه المحيطات المدارية وكذلك حول الدائرة القطبية الشمالية والجنوبية

والسبب في هذا التماثل في التأثر ، يمكن في أن مناخ الصحراء يعتمد بشكل كبير على القيمة الأطول زمنا في ترددها في دورات تذبذب مادن جوليان حتى يتحقق الخصب الموسمي الكبير نظرا لمساحتها المتصحرة الشاسعة
​
بينما آثار تذبذب الرياح المدارية في دورته الموسمية لا تظهر سريعا على درجات حرارة مياه المحيطات المدارية إلا بعد فترة نتيجة ظاهرة فيزيائية تمثل خاصية فيزيائية في الماء وهي السعة الحرارية العالية للماء ، بينما تيارات المحيطات المدارية فهي تتأثر مباشرة بدورات تذبذب الرياح المدارية جميعها ، خاصة تلك القريبة من مستوى تغير حركة الرياح التي تقودها

وكما أن المحيطات المدارية تمثل طاقة لا نهائية للتذبذب المداري من ناحية بخار الماء ، فإن الصحاري تمثل أيضا طاقة لا نهائية من حيث تزويد  التذبذب المداري بالكتل الهوائية المدارية الجافة ، وهي أكبر عنصر مساهم في حركته واندفاعه
​
ولو كانت المنطقة المدارية كلها محيطات دون وجود صحاري ، لما رأينا تذبذب الرياح المدارية بشكله الحالي والمعروف عنه منذ آلاف السنين

هذه المنطقة الصحراوية العظمى والمكوّن المناخي الضخم ، لا تخضع اليوم للأسف للمقاييس الدقيقة في الأرصاد الجوية العالمية
نظرا لضعف القدرات الأرصادية للدول التي تسكن داخل وعلى أطراف هذه الصحاري واعتماد شعوبها على التنجيم البابلي القديم والموغل في الجهل
​
أو لانعدام أو صعوبة الحياة الحضرية في داخلها
​وبالتالي قلة وانعدام محطات الرصد الجوي فيها ، مما يفقد الأرصاد الجوية والمناخية كما ضخما من المعرفة المناخية التي هي كفيلة تماما بتوضيح تأثير المناخ الصحراوي على كوكب الأرض

هذه القضية الفيزيائية سأتوسع فيها لاحقا إن شاء الله
​​
:::::::::::::
:::::::::::::
​:::::::::::::
​
تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان ليس تذبذبا محدودا بمخطط أو بمراحل فقط
لذلك جميع هذه الجهود التي تأتي وتضاف تظل رهينة لقوة النماذج الزمنية المكانية والفيزيائية التي تحاول وصفه
والتي لابد لها وأن تصف كل نواحي حياة هذا التذبذب الضخم
​
​ هذه نبذة عن النماذج الزمنية المختلفة والتي تصف سلسلة موجات تذبذب الرياح المدارية
​ وهي من اقتراح خالد العتيبي في المشروع العربي

1- MJO Daily Cycle - Daily Model [0.10]
2- MJO Sub-Seasonal Cycle  - Sub-Seasonal Model [25+45]
3- MJO Seasonal Cycle  - ​Seasonal Model [60+90]

هنا مؤشر الحمل الحراري النشط وغير النشط ، بعدة دورات فوق جزيرة العرب خلال فترة شبه ثنائية السنوات
دورات مكوّنة من 10 أيام و 25 و 45 و 90 يوما
جميعها تعود لتذبذب الرياح المدارية

Picture


​
القيمة اليومية في المؤشر تصعد بقوة بشكل سريع وتهبط بقوة بشكل سريع أيضا ، وهي تأتي ضمن الدورة الأطول منها

القيمة الزمنية الأطول زمنا هي التي تفسر لنا تتابع الحالات الجوية الخصبة على الصحاري
وهي أيضا تفسر تماما تتابع حالات الجفاف على الصحاري

القيم اليومية مهمة جدا للحالات العابرة والتي يتلوها استقرار طويل ، بينما القيم الأكبر هي التي تلخص لنا ما الذي ستكون عليه بمشيئة الله حالة الموسم

هذه الدورات ككل تؤثر تأثيرا كبيرا ومستمرا في دورة حياة تذبذب مادن جوليان المتنوعة في هذا العصر الهولوسيني
كقوة كامنة متنوعة تظل مستمرة في الظهور والتردد
​
 فالدورة اليومية لها خلفية تراكمية أطول منها زمنا وهي أكثر خطورة وأهمية
وتكشفها المتوسطات الإحصائية المتحركة بجلاء ووضوح​

زمن تردد الموجات الموسمية أطول من زمن تردد الموجات اليومية ، وآثار تدفقهما تختلف على مستوى المناخ العالمي
​​

هذه النماذج الزمنية المختلفة ، هي التي أنتجت لنا أجمل حركة يؤثر بها التذبذب المداري على الصحاري خاصة وبقية المنطقة المدارية
وهي : نظرية الفواصل المدارية 
​ 

::::::
​
بطبيعة الحال ، ينشط مع الزمن تذبذب الرياح المدارية وفق خطين رئيسيين 

الأول : خط إحصائي ، يعتمد على ماضي النشاط المداري
والثاني : خط ديناميكي ، يعتمد على حالة ومستقبل النشاط المداري

في هذين الخطين تنتج حركة تذبذب الرياح المدارية داخل حدود المراحل الرباعية المحددة في المشروع
​
فالقيمة الديناميكية تبدأ من اليوم الذي انتهى إليه التذبذب المداري ، ومنها تتشكل الحركة الجديدة أو الموجة الجديدة له
والقيمة الإحصائية تبدأ من الأمس الذي توقف عنده التذبذب المداري ، وعلى طريقها المستمر أو المعاكس تتجه الحركة الديناميكية له

اقتراح ماثيو ويلر وهاري هيندون أن هناك دائرة ضعف أو ما أسمياه : دائرة الخمول للتذبذب المداري
هو عائد إلى أنهما يتبعان القيمة اليومية للتذبذب المداري ، مما أهمل القيمة التراكمية للحمل الحراري والرياح التي تُسجلان العكس تماما

وهذا ما جعلني في المشروع أركز كثيرا على هذه النقطة

إن ضعف التذبذب في دورته اليومية هو جزء من نشاطه وحالته في دورة أكبر من يوم ، تقوم بجذبه إلى طبيعتها
​
 لذا ، فإن وجود التذبذب في دائرة الضعف هو بحسب أسلوب ماثيو ويلر وهاري هيندون فقط وليس الواقع ، الواقع مختلف تماما
​
مثلا : إذا كان التذبذب المداري ضعيفا في دورته اليومية في يوم من الأيام ، فهو في الواقع سيكون مختلفا حينما ننظر إلى النموذج شبه الموسمي أو الموسمي حيث سنجده نشطا وبشكل قوي

القيمة التراكمية لتذبذب الرياح المدارية لا تضعف أبدا ، هي موجودة في مناخ المنطقة المدارية وكوكب الأرض بشكل مستمر منذ آلاف السنين

لذلك حاولت تعديل أسلوب ماثيو ويلر وهاري هيندون ، مع إضافة أسلوب المشروع المتكامل بشكل موازي من جهة أخرى

حفاظا واعترافا مني بجهودهما التي كانت في الأصل مفتاح المعرفة بهذا التذبذب الضخم
​
تم دعم تحليل المكونات الرئيسية بتحاليل دالة الاستجابة النبضية المحددة بقيمتين لرصد ومحاكاة حركة تذبذب الرياح المدارية على هيئة شبيهة بالأوزان ، وفق منتجات أسلوب ويلر - هيندون ، ولكن بقيمة تشويش أقل بكثير ، تقوم القيمتان بضبط نشاط تذبذب الرياح المدارية من واقع مختلف تماما عن ماثيو ويلر وهاري هيندون ورؤيتهما

ترشيح وفلترة بيانات تذبذب الرياح المدارية بدالة الاستجابة النبضية

Impulse Response Function

يعني أن المُدخل - البيانات - سيكتسب صفة جديدة غير التي كانت قبل التحليل ، لتكون خرجا وناتجا يحقق لنا هدفا نريده

​والهدف بالطبع هو تحويل القيمة اليومية إلى قيمة ذات علاقة بنوعية النشاط المداري ودرجة قوته ومكان تركّزه وطول فترته

هنا أمثلة مبسطة من العمل

​ نموذج القيمة الأبطأ حركة
​
FIR Index [0.010]​​​

​مع المراحل الرباعية المبتكرة لمحاكاة حركة التذبذب

Picture

::::
​
وهنا نموذج القيمة الأسرع حركة

FIR Index [0.020]
​

Picture


أعلم أن هناك معضلات قد تنتقل من أسلوب ماثيو ويلر وهاري هيندون لهذه المخططات ، ولكن الرائع فيها هو أنها مفيدة جدا لمناطق تطور الأعاصير المدارية وكذلك المناخ الصحراوي ، لأنها قيمة تحليلية تعتمد على الإشارات القصوى من نشاط التذبذب المداري والإشارات طويلة التردد ، وهذه تفيد دوما في محاكاة فرص نشاط الأعاصير المدارية وكذلك مناخ الصحراء الذي يتصف ببطء تغيراته المناخية

ونموذج القيمة 20 هو أفضل قوة وأداء في جانب التوقعات طويلة الأمد - شبه الموسمية - بواقع تنبؤ قدره 45 يوما
بسبب تخلص النموذج من التشويش عبر الفلترة بواسطة تحليل دالة الاستجابة النبضية المحددة

ولا يزال العمل جاريا لإنشاء مؤشر خاص بالمشروع دون استخدام أساليب ماثيو ويلر وهاري هيندون
وقطعت في ذلك شوطا بعيدا والحمد لله

وقد تم الاهتمام كثيرا في مؤشرات مفردة تخص القارة البحرية وتخص الصحراء العربية
​سيكون لها وقفة مفردة إن شاء الله


عودا على المراحل والمنهجية الخاصة بماثيو ويلر وهاري هيندون تقيس الحركة اليومية بأماكن ثمانية بالتعامل مع تحاليل المكونات الرئيسية الإحصائي الذي هو في الأخير قائم على استنباط العلاقات والارتباطات الزمنية والمكانية
وهو معروف في أوساط الأرصاد المناخية بـ تحليل دالة التعامد التجريبي - الاستقرائي
​
Empirical Orthogonal Function - EOF
​​
يقول الدكتور حسين علي ... عن هذا التحليل العاملي ، نقلا عن
 Hardle ، Simar
  
يعتبر التحميل العاملي أحد أهم الطرق المستخدمة في التحليل متعدد المتغيرات . يعتمد هذا التحليل على تمثيل مجموعة من المتغيرات المدروسة كتراكيب خطية من عدة متحولات عشوائية أخرى تسمى بالعوامل
Factors
هذه المتحولات العشوائية هي متحولات غير مشاهدة 
 variables latent 
لكن يمكن أن يكون لها تفسير أو تعبير 
بحيث يمكن اعتبارها متحولات تُولّد المتغيرات المدروسة

::::
​
هذا الحل الإحصائي يؤثر كثيرا ودائما في المحاكاة الأساسية لتذبذب مادن جوليان عندما نأتي للنماذج الإحصائية بشكل خاص ثم يؤثر أيضا على النماذج الديناميكية الفيزيائية التي تتوقع نشاط تذبذب مادن جوليان ليس بناء على هذه المراحل الثمانية الإحصائية ولكن بناء على فيزياء الغلاف الجوي التي تستوطن داخل هذا التذبذب الضخم

وللفائدة : يجب أن نوضح أن منهجية ماثيو ويلر وهاري هيندون هي منهجية تتعامل مع البناء الخارجي لتذبذب مادن جوليان فاهتمت بالأماكن كثيرا
التي جاءت عن تحاليل المكونات الرئيسية
​
حتى وإن استخدما معطيات من عمق البناء الداخلي للتذبذب المداري كالرياح العرضية العالمية
في مستوى 200 و 850 هكتوباسكال والحمل الحراري في معطيات السرعة المتجهة
chi 850-200
​ ومتغير أثر الغيوم
OLR
​
إلا أن تحليل المكونات الرئيسية لا يحل قضية فيزيائية ، بل هو توجه إحصائي يصف من الخارج هذه الظاهرة
​والإحصاء دوما خارج القضية الفيزيائية
​
لذلك أنتجا لنا المراحل الثمانية وذات البعد الزمكاني المحدد باستخدام هذا التحليل
والذي أعطى عدة مراحل ومكونات تعرف بـ
PC=1-2-3-4-5-6-7-8
​
هذا التحليل الإحصائي تم تطبيقه على نتائج النماذج الديناميكية مما زاد الأمر تعقيدا وضررا في النتائج

​فتجد عادة البون شاسعا بين التوقعات الإحصائية والتوقعات الديناميكية

::::

ولا يزال فريق الأرصاد الجوية الأسترالية - القسم المناخي - يقوم بتطوير رؤى ماثيو ويلر وهاري هيندون 

والتعديل على مخطط الانتشار الناتج عن أسلوبهما وهو الشكل التالي الشائع في الأوساط العلمية المناخية
الذي تُنتجه الإدارة الوطنية الأمريكية نوا وغيرها من المراكز والمنظمات ​

Picture


قام المهتمون بتطوير رؤى ويلر - هيندون ، في الأرصاد الأسترالية وصياغة مخططات انتشار التذبذب المداري بشكل مغاير للشائع
كمثل المخططات التالية من مشروع التنبؤ الأسترالي ، والتي تقيس احتمالات نشاط التذبذب بقيمة ممهدة بالمتوسط 5 أيام
​وليس يوما واحدا وبأسلوب حديث
​يحدد احتمالات النشاط واتجاهه في المراحل المخصصة لقياسه
والمهتم بذلك هو أندرو مارشل
Andrew Marshall

​توقعات الإنسامبل الأسترالي المخصص لمحاكاة تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان - مؤشر انتشار التذبذب المداري

Picture


ثانيا : البعد المكاني
​

المنهجية التي أعتمدها في المشروع العربي مخالفة تماما لأطر ومنهجيات ماثيو ويلر وهاري هيندون
​وحتى بول جوليان ورولاند مادن وكيلاديس وجانغ - تشانغ - وغيرهم

وهي منهجية من بناء خالد العتيبي تقوم على عدة جوانب متشعبة أحاول دوما فيها المواءمة بين الفيزياء والإحصاء
وأحاول فيها دوما توضيح فكرة رئيسية مفادها أن تذبذب الرياح المدارية والعالمية هو تذبذب يشترك في صياغته مناخ كوكب الأرض كاملا
وليس محصورا في منطقة محددة
​​
الفيزياء الجوية هي المحرك الأول لتذبذب مادن جوليان بينما الإحصاءات فهي ذات أثر غير مباشر ولكنه قوي وهو يشبه التغذية الراجعة للتذبذب المداري ، فتدوين خطوات ذلك السلوك الفيزيائي للتذبذب المداري وهو تدوين يكشف عن تأثيرات وعوامل عميقة تتصاعد إحصائيا في فيزياء هذا التذبذب كقوة كامنة تجذبه إليها دوما

هذا الأمر يشبه سكة القطار التي تمضي عليها مقطورات مختلفة الطول ، هذه المقطورات لن تبتعد كثيرا عن تلك السكة الحديدية
​
​أو كالسابح في الأعماق يتدرج من الأدنى إلى الأعلى والعكس ، أو كالهزة الأرضية التي تنتشر من الأدنى إلى الأعلى وتنتشر أفقيا
​وقد وصفت ذلك سابقا بالعامل العميق


المنهجية الخاصة بالمشروع لتكتمل لابد من إيجاد مراحل رباعية أكثر وضوحا في تمثيل التذبذب على أرض الواقع


ولأن العامل المكاني مهم جدا في بناء هذه الظاهرة ، ولقياس مناطق نشاط دورات تذبذب الرياح المدارية

كان لابد من إنتاج نموذج مكاني يحدد مواقع نشاط تذبذب الرياح المدارية ، وهو نموذج مكاني ثابت لا يتبدل

تُتداول فيه حركة تذبذب الرياح المدارية بكافة دوراته ومتغيراته
​​
هذا النموذج المكاني استبدلت فيه مراحل ماثيو ويلر وهاري هيندون الثمانية بمراحل رباعية تحوي محصّلة العمليات الفيزيائية والرياضية من البناء الخارجي والداخلي للتذبذب المداري

Picture


​تم توضيح الكثير من ملامح تذبذب مادن جوليان عبر هذه المراحل الرباعية

المراحل الغربية : مرحلتان ، والمراحل الشرقية : مرحلتان ، مجموعهما يمثل
مراحل التذبذب المداري
​والتي تلخص المعطيات الأكثر وضوحا لهذا النظام الضخم
أمام البرمجة الرياضية والفيزيائية التي أستخدمها
​
ومساحة كل مرحلة 90 درجة ، أربع مراحل مجموعها 360 درجة ، تتطابق مع الأسلوب الرياضي المستخدم في ذلك
وتتطابق مع قيمة مستحدثة في المشروع عند وصف التذبذب وهي قيمة أسميتها : خلايا الحمل الحراري
​
كل مرحلة تقيس ظروف النشاط في المرحلة ذاتها من القطب الشمالي والمنطقة المدارية والقطب الجنوبي
​​
 قياس التذبذب المداري على نحو شامل لكوكب الأرض سببه لأنني وغيري من الباحثين في مناخ المنطقة المدارية
وجدنا أن أكثر المعطيات أهمية في وصف ومعرفة حركة تذبذب الرياح المدارية هي
مناخ خارج المنطقة المدارية
​
وهي تشارك في بناء هذا التذبذب الضخم ، وقد أشار هاري هيندون سابقا إلى أن من أسباب نشاط تذبذب الرياح المدارية المحتملة هي حالة المنخفضات الجوية حول الدائرة القطبية ، ولكنه ظل طارحا لهذا الأمر من باب الاحتمالات غير المفهومة لديه

وقد توصلت في المشروع إلى جزء من ذلك حيث أن من أكبر الأسباب لهذا النشاط ، ظاهرة فيزيائية تمثل البناء الفيزيائي لتذبذب الرياح المدارية
وهي دورة نسيم البر والبحر المدارية الكبرى ، وهي دورة يشارك في تكوّنها مناخ كوكب الأرض

المراحل الرباعية يصدر لها مؤشر يقيسها بشكل مفرد ، شدة أو ضعف أو تركز التذبذب في كل مرحلة والحالات المدارية
​وأخذ ملخص عن كل مرحلة يفيد المتابع بشكل جيد

​:::

هناك نقطة لا تزال تحت الدراسة في هذا الجانب منذ سنوات تتعلق بالعلاقة العكسية اليومية في معطيات التذبذب المداري بين الدائرة القطبية الشمالية والجنوبية وارتباط ذلك بالستراتوسفير القطبية ، والتي ينعكس أثرها على حالة منخفضات حول الدائرة القطبية
​
حيث أن لها الأثر الكبير في تغيير حالة وظروف المنخفضات الشمالية الباردة
​ لعلها تنتهي قريبا بما يحقق الفائدة والوضوح قبل كل شيء
​إن شاء الله

::::

أخيرا
​
ولأن قياس دورات تذبذب الرياح المدارية من جهة زمنية ومكانية لا يكتمل إلا من بناء جهة رياضية وفيزيائية على نحو معرفي صحيح

كان لابد من استخدام معادلات رياضية وقوانين فيزيائية تصف النشاط في كل دوراته بشكل أفضل من الوضع الموجود حاليا

وسيتركز طرحي التالي بمشيئة الله على القيمة العددية والفيزيائية التي خرج بها المشروع

الفواصل المدارية .. كيف نشأت في المشروع ... القيمة الفارقة .. ما هي أهم نقاط قوتها .. ما هي الرابطة الفيزيائية بين تذبذب الرياح المدارية شبه ثنائية السنوات وبين موجة كلفن الاستوائية الكبرى ؟

إن أكثر قيمة تشهد قوة في تذبذب الرياح المدارية هي قيمة الفرق ، هي الوقود المحرّك لهذا التذبذب المداري العالمي الضخم

إن الفرق بين دورات تذبذب الرياح المدارية يؤدي مع الوقت إلى تعاظم النشاط وإلى اختلافه

فمن خلال النموذج الزمني المحدد مثلا بالفرق بين 90 يوما الأولى وبين 90 يوما التي تسبقها
سترى تذبذب الرياح المدارية بشكل ضخم وشديد الانتظام وواسع الانتشار والحركة والتأثير ، وباتصال في مختلف العناصر التي تشملها آثار حركته
​​​
حينما يكون الفرق كبيرا بين دورة التذبذب المداري 90 يوما الأولى والثانية فإن النشاط حينئذ سيكون في أُوج فعاليته
وسيستمر فترة طويلة جدا قبل أن يتغير أو يعكس قيمة الفرق بسبب تغير موقعه من مرحلة إلى مرحلة أخرى
مشكّلا الفواصل المدارية الضخمة
​
وكذلك علاقة تذبذب الرياح المدارية مادن جوليان بتذبذب الرياح المدارية شبه ثنائية السنوات في الستراتوسفير علاقة جدا قوية
تقودها حالة أوزون الستراتوسفير
​
ولا تمثل فيزياء مناخ المنطقة المدارية لوحدها فقط سرا من أسرار تطور هذا التذبذب وهذه الظاهرة الضخمة بل إن مناخ كوكب الأرض ككل هو أحد أهم مصادر هذه الظاهرة الطبيعية التي لا تزال تطرق وتعصف بأبواب المنطقة المدارية والعالمية

​ ومن الطبيعي أن تشمل آثاره معظم جهات كوكب الأرض لأن صياغته فيزيائيا تأتي من مناخ كوكب الأرض ككل
ومن أكبر ظاهرة فيزيائية تمت محاكاتها في المشروع

دورة نسيم البر والبحر المدارية الكبرى ، والتي هي جزء من هذا المناخ العالمي

والله تعالى أعلم
​​
وهذه الجزئية سأتركها في الطرح التالي بمشيئة الله


بالتوفيق والسداد لي ولكم جميعا

​خالد العتيبي

براءة الإسلام من التنجيم القديم - أثر التغيرات المناخية على نشأة التنجيم - الأسئلة الأولى

6/17/2018
Picture

Sagittarius and Scorpio mythological - Stellarium... Bob Moler


​​
لكل شيء سبب حتى الأفكار والثقافات التي تنتشر بين الناس .. حتى اللغات التي يتحدث بها البشر
تقع تحت قانون : خلف كل نتيجة هناك سبب أو مجموعة أسباب 

فلأن الرعد له صوت في السماء شبيه بـ : د و .... أطلق العرب عليه اسم : دويّ ، اسما من مادة صوته

ولأن الأفعى تصدر صوتا مُشكّلا من الفاء والحاء : ف ح .... أطلق العرب على صوتها اسم : فحيح ، من مادة صوتها

ولأن الهواء له حفيف بين أغصان الشجر بصوت شبيه بــ : ح ف .... أطلق عليه العرب اسم : حفيف ، من مادة صوته

السبب والنتيجة هما أساس بناء كل ظاهرة من ظواهر الحياة باتجاه الزمن الذي يدفع بهذه الظواهر إلى الأمام وإلى القِدَم
سنة الله الماضية في خلقه
​
الشائع في اللغات ، أن اللغات الإنسانية كلها تحمل بين طياتها نظامين أساسيين يمكن التفريق بينهما ومعرفتهما بوضوح

نظام الأصوات
ونظام المعاني

تتشكل منهما كل لغة

وبعض اللغات تزيد بأنظمة أخرى فوق هذين الأساسيْن ، كمثل النظام الحركي أو ما يعرف باللغة الإشارية

فلكل مجموعة من الأصوات معنى تؤديه

هذه اللغات .. هي التي حملت إلينا الخرافة القديمة العهد .. التنجيم

وهي التي أعطت بناءً على الأوهام ، الاسم المؤنث لخرافات تنتشر عند الخصب تارة والاسم المذكّر لخرافات تنتشر عند الجدب تارة ، وتارة العكس عند أمم أخرى
 
​::::::::::::

التنجيم .. وما أدراك ما التنجيم

​
لمحة تأريخية يسيرة قبل الانطلاقة عن الأمم التي نشأت فيها خرافة التنجيم في أرض الرافدين .. مهد الحضارات القديمة

أعلم أن تلك الأمم كان لها نتاج صحيح .. ولكنني سأتركه إلى النتاج الذي لا يزال يُضرّ بالبشرية ، خاصة الأمة العربية التي تخلت عن العلوم الجوية ورضيت بأسطورة الأولين : الأنواء والاستسقاء بها

​​

قمت بتلخيص أزمنة هذه القضية السحيقة وفق منهج التأريخيين ، بداية من الأصول حتى الوصول إلى هدف محدد ، وهو أخذ قضية التنجيم من النشأة حتى شكلها الحالي في هذا العصر وفق آثار التغيرات المناخية
​
وفق أسلوب أرجو أن يكون مبسطا ، ليلقي إضاءة ومحصلة على رحلة طويلة في علم المناخ القديم والتأريخ القديم
​​
​​
:::::

يقول الدكتور توما شماني ملخصا أبرز الحضارات التي سادت في عراق الرافدين منذ آلاف السنين الماضية

قامت عليها حضارات عديدة طبعت آثارها الرائعة على مجرى الحضارة والتاريخ

​كان أولها الحضارة السومرية التي قامت بين 3700 إلى 2350 ق.م، ثم تلتها حضارة أكد بين 2350 إلى 2200 ق.م ثم حلّت حضارة الانبعاث السومري ومملكة سومر وأكد المشتركة بين 2133 إلى 2003 ق.م، (يقصد البابلية) حتى أسقطها العيلاميون من إيران عام 2003 ق م. ثم أسقط الكاشيون الدولة البابلية الأولى عام 1594 ق.م. بقيت تحت سيطرة الكاشيين من 1595 إلى 1153 ق.م، وكانوا متأثرين بشريعة حمواربي حتى أزاحهم الآشوريون

في القرن الثاني عشر قبل الميلاد كان وادي الرافدين مقسوما بين الآشوريين في الشمال والكاشيين في الجنوب. من 625 إلى 539 ق.م، قامت الحضارة الكلدانية (البابلية الثانية) من 539 إلى 321 ق.م، احتل الملك كورش الإخميني مدينة بابل واتخذها عاصمة ملكه، واستمر الفرس يسيطرون على وادي الرافدين حتى هزمهم الإسكندر المقدوني الكبير عام 321 ق.م. من 321 إلى 141 ق.م، سيطر السلوقيون المقدونيون وهم سلالة الإسكندر المقدوني ثم شهد وادي الرافدين في عهد المقدونيون الكثير من الحروب ثم استولى البارثينييون عام 141 ق.م

هذه مقدمة لابد منها لفهم التسلسل التاريخي لحضارات وادي الرافدين 
بعد انهيار الحضارة السومرية قامت الحضارة الأكدية بين 2350 إلى 2200 ق.م (أكاد) مدينة أسسها (سركون الأكدي) واتخذها عاصمة لدولته كانت هذه التسمية تطلق أيضا على القسم الاوسط من السهل السومري في جنوب الرافدين وهي تسمية أيضا لسلالة حكمت ما يقرب من قرن ونصف القرن من الزمن

الأكديون من أقدم الأقوام السامية التي استقرت في دلتا الرافدين 2350- 2159 ق.م
عاشوا منذ أقدم العهود مع السومريين غير الساميين جنباً إلى جـنب، ثم آلت إليهم السلطــة في 2350 ق .م
بقيادة (سركون الأكدي). استطاع (سركون الأكدي) فرض سيادته على جميع مدن وادي الرافدين
امتد نفوذه على بلاد عيلام وسوريا والأناضول جنوبا إلى الخليج العربي، فدانت لحكمه منطقة واسعة الأطراف
بذلك أسس (سركون الأكدي) أول امبراطورية معروفة في التاريخ


Picture

​
تلك الحضارات القديمة .. كانت المنبع الأغزر للتنجيم

وقتما توهمَ الإنسان وهما ثم صدّقه ثم عاش معه دهورا ودهورا طويلة ، فكان التنجيم باديا كالثوب الذي لا يستطيع المتوهمون نزعه

::::

في جانب إنساني معرفي على صلة بهذا ، يُلخص عالم النفس : ألبرت إيليس 
Albert Ellis

 قضية من السلوك الإنساني ، مفادها
​
أن الحدث يؤدي إلى مشاعر واعتقادات وأفكار ، والاعتقادات والأفكار تؤدي إلى نتيجة وسلوك وآثار

ألبرت ، رائد إحدى نظريات السلوك المعرفي
ABC Model

وملخص نظرية وفلسفة ألبرت إيليس تتمثل فيما يلي
​
 Adversity + Beliefs + Consequences

Picture


إن ما حدث للأمم القديمة كان ببساطة : حدث تلاه اعتقادات وأفكار تلتها سلوكيات محددة
​جاءت كنتيجة أمام موقف معين ، جرّ معها وجرى بنتائج أخرى لا تحصى

بعيدا أن التنجيم لا يعدو إلا أن يكون خرافة من الخرافات ، هو جزء من رحلة الوعي الإنساني
​حتى وإن كان وعيا موجها ناحية الطريق الخاطئة

فقد دخل التنجيم معتركا صلبا ، وهو خدمة بلاط الساسة والسياسة ، فكان التنجيم مُوجَّها بسلطة القوة السياسية والسيادية التي كانت تستخدمه وتدعمه وتضفي عليه وعلى مريديه قداسة وسلطة سياسية ، وفّرت له جمهورا أتى بسطوة مضافة وهي سطوة الجماهير التي صارت تشجع التنجيم
​
​ثم توالت الأزمنة بالتالي لتُشكّل لنا سطوة أخرى أكثر عمقا ، تزيد التنجيم ديمومة ، وهي سطوة وسُلطة القديم ، التي ترى أن أفكار التنجيم وإن قدُم الزمان وتقادم ، ليست أفكارا خاضعة للنقاش والارتحال ، بل هي أفكار مقدسة ، وستظل في نظر مريدي التنجيم مقدسة دوما ، وتتوارثها الأجيال ، جيلا بعد جيل ، حتى وإن كانت اليوم صناعة التنجيم مجرد أضحوكة وخرافة لا علم فيها

كان وعيا في الاتجاه الخاطئ ومصحوبا بنزعات كبرى في المعرفة الإنسانية ركنها الرئيس هو : سطوة الجهل لا محالة

​::::

التنجيم كان أسئلة أولى حظيت بإجابات خاطئة ، كان سلوكا محددا قبل كل شيء تجاه تلك الأحداث التي كان تفسيرها الوحيد ؛ أن بين النجم وبين الحدث الأرضي علاقة وطيدة
​​
قد تكون هناك بدايات للتنجيم قائمة على الديانة المندائية ، وهم المذكورون في القرآن الكريم بالصابئة
حيث كانوا يمارسون أمرا شبيها بما حكم عليه الإسلام اليوم بالتنجيم
​
وقد تكون الأخبار المروية عنهم والتي وصلتنا في هذا العصر الحاضر محرّفة وغير صحيحة ، والحكم على صحة نصوص الصابئة أمر من الناحية التأريخية صعب ، ويُدخلنا في معترك عقدي ليس هذا وقته

إنما الهدف هو سبر أثر التغيرات المناخية في صناعة التنجيم القديم
​​
​::::

التنجيم القديم .. ثقافة شعبية سادت في بلاد الرافدين قديما جدا وانتشرت في جميع جهات الشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا ومصر والهند والصين

كان لها أبعادها المختلفة على مر السنين
بدأت من الخرافة ولا تزال على الخرافة


كان التنجيم شبيها جدا بقصة خيالية أبطالها وهميون ، ليس لهم في الواقع وجود ، ومع ذلك تلك القصة الوهمية رجالها يفعلون ويفعلون ، والناس منهم يخافون

​::::

 التنجيم ، هو قضية من قضايا الفكر الإنساني .. عمرها طويل جدا في حياة البشرية التي سكنت منطقة الرافدين وشبه الجزيرة العربية وسواحل الخليج العربي ، تجاوز عمرها آلاف السنين ولابد من الإشارات الملخصة حول ذلك الطريق الطويل
​
التنجيم بكل خرافاته وأساطيره .. في جزء كبير منه كان وسيلة من وسائل مقاومة الإنسان الشرق أوسطي للتغيرات المناخية الضخمة التي غيرت كثيرا من حياته وسلوكياته وطبائعه بما يتواءم معها .. إنه أشبه بصدى التغيرات المناخية الضخمة التي أخذت بكل مناحي حياة ذلك الإنسان

حتى أنها أثّرت في تغيير معتقداته وجعلته يعبد النجم ويخشى من النجم ويصل حياته ونباته وأجواءه بالنجم مباشرة
 
​نجم محدد في السماء يتبعه سلسلة من الأحداث على الأرض .. سلسلة خيالية لا أصل لها في العلم

وليس نجما أو جرما سماويا فقط ، بل إن اختيار المسمى المؤنث للنجم والجرم السماوي أو المسمى المذكر
له أبعاده في التنجيم القديم ، وله صلة بين نوع التأثير ودرجة القداسة والتشريف المصطنع لذلك الجرم السماوي
​ وقد تعرض القرآن لذلك الأمر
​​

:::
​:::

وفي عجالة ... وحتى لا نبتعد كثيرا عن الهدف الرئيس لهذا الطرح الطويل في عدة مواضيع تناقش قضية التنجيم الناشئ عن حالة الجهل السائدة أمام التغيرات المناخية ، التي وفّرت استجابة خاطئة للتحديات التي جاء بها وكانت وقود ومثيرات الأسئلة التي نتج عنها كل ذلك الكم الهائل من الخرافات والأساطير

​:::

حتى نأخذ لمحة بسيطة عن التنجيم قبل أن نتحدث عن فلسفة نشأته ، وسنتوسع في هذه النقطة خلال الطرح الثاني إن شاء الله

:::::
:::::
​
ما هو التنجيم ، وبماذا يهتمّ التنجيم ؟

التنجيم أُعرّفه بأنه : هو تقويم فلكي متضمن الاستدلال بما في السماء من نجوم وكواكب على ما في الأرض من أحداث متغيرة ومواسم مختلفة ، تعليلا أو تعليقا أو تضمينا

الأحداث المتغيرة هي : كل حدث في الأرض وقع أو سيقع وله علاقة مزعومة بالإنسان والنبات والمناخ وظروف الحياة المتنوعة

التعليل والتعليق والتضمين : ربط تلك الأحداث المتغيرة على الأرض ، الأحداث الماضية أو الحالية أو المتوقعة ، بما في السماء من نجوم وكواكب ، تعليلا لأسباب نشأة الأحداث أو تعليقا بوجودها أو تضمينا للأحداث في ظهورها

مثال على التعليل 
الحدث معللا بتأثير الكوكب والنجم - الصلة السببية

مثال على التعليق
الحدث معلقا باسم النجم والكوكب - الصلة المعرفية

مثال على التضمين
الحدث مضمنا في فترة ظهور النجم والكوكب - الصلة الزمنية

وجميع هذه الطرق يزعم بها المنجمون أن بين النجم والكوكب وبين الحدث الأرضي علاقة مطّردة
​
::
​
إن أداة بناء كل تقويم في البشرية منذ القديم حتى اليوم مع الزمن ، هي : الأحداث والحاجات

لابد وأن يكون هناك أحداث ، ولابد أن يكون هناك حاجات تتجدد مع توالي الأحداث طوال الزمن

::
​
التنجيم يهتم غالبا بما يلي

الفأل بالنجم والكوكب - قبل وأثناء وقوع الحدث
التشاؤم من النجم والكوكب - قبل وأثناء وقوع الحدث
​الصلة التأريخية بين الحدث والنجم أو الكوكب
وتلك الصلة إما سببية وإما معرفية وإما زمنية

وقد دخل التنجيم في كل مجالات المجتمعات القديمة .. السياسة والزراعة والمناخ والحياة والموت والحظ والنجاح والفشل والمرض والصحة وفي كثير من الديانات التي ظهرت في المشرق ماعدا الإسلام الذي جاء منافيا ورافضا ومحذرا من كل مظاهر التنجيم القديم ، ولهذا التفرّد وقفة في الطرح التالي إن شاء الله
​
خط اتجاه التنجيم مع الزمن قائم على عنصرين زمنيين
يدعم أولهما التالي ، هما


الاستدلال بالنجم على الماضي ، والتنبؤ بالنجم على المستقبل

وهو تنبؤ صفري من الصحة والمعرفة والعلمية الصحيحة ، لأنه لا يعتمد على الحدث نفسه ، بل يعتمد على النجم فقط ، ويسير أيضا بضرورات قصوى يُتجاهل فيها الحدث تماما والتركيز بقوة على النجم لأن الحدث سيتكون مع النجم إما بسبب النجم والجرم السماوي أو بسبب زمن ووقت النجم

مفردة "وقت النجم" تشير إلى وقت اعتباطي لا وجود له في الواقع ، إذ أن الزمن من اختصاص الأرض وحركة ظواهرها وليس النجم ، فلا وقت للنجم
​
​:::::

أنواع التنجيم وأقسامه

في كتابهما عن تأريخ العراق ، يُقسّم الباحثان : الأستاذ علي شحيلات والدكتور عبد العزيز إلياس الحمداني التنجيم إلى قسمين

القسم الأول من التنجيم

التنجيم بالأبراج

وهو يتضمن الاعتقاد أن حظ الفرد يرتبط بموقع الأجرام السماوية في لحظة مولده ، وهذا النوع لم ينشأ حتى النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد

القسم الثاني من التنجيم

تنجيم معرفة الأحكام

وهو نوع من التنجيم العام الذي يسبق التنجيم بالأبراج ، ويطلق عليه عادة تنجيم معرفة الأحكام ، والذي يختلف عن تنجيم الأبراج ، وهو يتضمن رصد الأجرام السماوية وملاحظتها والتنبؤ من ذلك عن المستقبل القريب للملك والبلاد فيما يتعلق بأمور كالحصاد والفيضانات والغزوات

​::::::::::::::::::


فلسفة وتأريخ نشأة التنجيم ؟

نشأ قديما جدا .. والدراسات المنشورة لدى الآثاريين العراقيين تذكر أن أقدم تأريخ محتمل لظهوره بناء على الآثار المكتشفة هو قبل الميلاد بما يقرب من 6000 ستة آلاف سنة

فقد كان على صورة استسقاء ، استُخدمت فيها المرأة للدلالة على الخصب ، واستخدمت فيها العقارب للدلالة على الجدب
ولعل المقصود هو كوكبة العقرب في السماء
​
​تشير الصورة وفق الآثاري العراقي الدكتور فوزي رشيد : إلى رقصات موجهة لطلب المطر 
​
وهي أولى إشارات التأثر بمناخ العصر الهولوسيني الدافئ
​والذي تضاعفت فيه تدريجيا أحداث الجفاف الطويلة وأيضا أحداث الفيضانات الخاطفة

Picture


وفي الواقع أن إرهاصات التنجيم ، كانت أقدم من ذلك بكثير وفقا للآثار المكتشفة في المنطقة

إذا قلنا بأن التنجيم نابع في جزء كبير منه من التغيرات المناخية الضخمة وآثارها فإنه لاشك
أقدم ظهورا من 6000 سنة قبل الميلاد ، لأن التغيرات المناخية لم تتوقف من طبيعتها
​​
​وأكثر الأمم القديمة اهتماما بالتنجيم وتطويرا له ، هم البابليون ، وترجع صورة التنجيم الحالية لبابل منذ ذلك الحين حتى اليوم ، منذ الألف الثانية والأولى قبل الميلاد ، أي قبل 4000 أربعة آلاف سنة من اليوم

فقد ذكر ويل ديورانت في سلسلة قصة الحضارة أن البابليين قد ألّفوا في التنجيم ، بما كشفته الألواح المتبقية من حضارتهم البائدة ، متضمنة الكثير من الطلاسم المستخدمة في السحر واتقاء الشياطين

قد كانت الخرافة تملأ الكثير من جنبات حياتهم

وهذا لا يعني أن الأمم في منطقة الشرق الأوسط لم تضف للتنجيم شيئا ، بل أضافوا كل بحسب ما يواجه من تغيرات مناخية

​فسكان شبه الجزيرة العربية أخذوا الصورة الأصيلة للتنجيم وأضافوا إليها ما مر بهم من تغيرات مناخية كبيرة ، هذه الإضافات لا تزال باقية إلى اليوم شاهدة على اشتغالهم بالتنجيم كما سنرى في خرافات وأساطير التنجيم في الأجزاء التالية​​
::::

أسباب كبرى ساهمت في ظهور التنجيم

 وفقا لاستقراء النظريات المتنوعة لدى علماء التأريخ القديم وتطبيقها على هذا الجانب وهو التنجيم

​ وأهمها نظرية التحدي والاستجابة للتأريخي البريطاني آرنولد توينبي
Challenge - Response Theory

​فإن عامل التغيرات المناخية التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط وبمساهمة من حالة الجهل السائدة ، قد شكلا حالة من التحدي والاستجابة في توجيه تلك العقول إلى الربط بين ما في الأرض من تغيرات وبين ما في السماء من كواكب ونجوم
​
محاولة في تعليل أو تعليق أو تضمين تلك الأحداث المناخية المتغيرة التي أثّرت كثيرا في حياتهم بما وجدوه وزعموه من رابطة إحصائية وسببية بين الحدث والمتسبب المزعوم فيه وهو الجانب المقابل للحدث الأرضي في السماء وهو النجوم والكواكب

على طريقة يبدو أنهم اتبعوها وهي لا تزال إلى اليوم لدى العامة ، ملخصها : أن مصدر المطر هو السماء والسماء هي مسرح النجوم والكواكب ، فهناك علاقة بين النجوم والكواكب  - في زعمهم - وبين تلك التغيرات
​​
::::
​
الأحداث المناخية الشديدة التأثير ، تترك مظاهر ثقافية جديدة أيضا

::::
​
وبالتحديد فإن كل حالة جفاف أو حالة فيضان ذات تأثير شديد ، تقوم بإيجاد بيئة مناسبة لتطور التنجيم الشعبي وانتشاره في تلك الفترة والحاجة إليه كحل مزعوم ، تلك الفترة التي هي غالبا وقعت في عصر الهولوسين الدافئ والذي لا نزال نعيش امتداده الزمني ، والبادئ قبل ما يقرب من 12 ألف سنة مضت ، تقريبا 11,700 سنة

والذي كثرت فيه مواسم الجفاف الطويلة والفيضانات الخاطفة والمعروفة حاليا بـ
Flash Floods

وهو جزء من نشاط النظام الضخم في كوكب الأرض وهو تذبذب الرياح المدارية وفرعه الناتج عنه تذبذب الرياح العالمية
​والمشهور في الأوساط العلمية باسم مكتشفيه : تذبذب مادن جوليان
والذي أخذ ينشط بمرحلته التي لا نزال نعيشها إلى اليوم ، وهذه الجزئية سنمرّ عليها إن شاء الله


ردة الفعل هذه تجاه الأحداث المناخية شديدة التأثير ، ليست حصرا على الأمم القديمة ، بل الأمر شبيهه لا يزال يحدث حتى اليوم في العصر الحالي في المجتمعات غير المتعلمة أو غير المهتمة بعلوم المناخ والأرصاد الجوية
​​
فإن الناس دائما ما يبحثون بطبيعتهم عن تفسير قطعي (ثنائي البعد ، أي: مكون من سبب واحد ونتيجة واحدة) يقنع بساطتهم أمام الظواهر اللافتة التي تحدث لهم ولم يروها من وقت قريب ، وبالتالي يقودهم البحث والفضول إلى بناء رابطة سببية جديدة بين ذلك الحدث وبين الظاهرة التي هي المتسبب المزعوم فيه
​
ومن ثَم يظهر لنا أسطورة أو خرافة جديدة تنشأ في حاضنة جديدة ، وكذلك التنجيم ظهر .. وتضيف تلك الأحداث إلى تلك الحاضنة إضافات أخرى تؤيد من الاستدلال بها ، وتشكل أيضا فريقا من المنجمين والمتنبئين الذين ينشرون ويوسعون من دائرة التنجيم مع الوقت الطويل مناخيا لتلك الحالات ويرون أنفسهم أهل حكمة وعلم في ذلك وما شابه من الألقاب الفارغة من حقيقتها

​
:::::

هذا رسم يمثل كيف يتطور التنجيم بناء على التغيرات المناخية
المخطط من إعدادي ، أسميته خط نشأة وتطور التنجيم بناء على عامل التغيرات المناخية
​

Picture

إن أهم أركان بناء الظاهرة الشعبية - التنجيم - هي حالة الجهل السائدة

إن حالة الجهل السائدة تجاه التغيرات المناخية كشكل من أشكال انعدام المعرفة المناخية هي أحد أهم أسباب اختيار الأدوات الخاطئة في فهم الأحداث والتحديات وفي توجيه الاستجابة البشرية أيضا ناحية الطريق الخاطئ المتجه لفهم السبب في وجود الأحداث المناخية المهمة كالفيضانات والجفاف وغيرها من الأحداث المتصلة بالتغيرات الجوية المفاجئة

هناك مظهران سلوكيان شائعان ، يتجليان في منطقة الشرق الأوسط ، ويتعاملان مع العجز عن إيجاد حل للمشكلات الناتجة عن التغيرات المناخية ذات الآثار الضخمة ، ويسيران على نقيضين دوما

​وهما : سلوك الهجرة وسلوك التكيّف

والشعوب التي تبقى دون أن تهاجر فإنها هي التي تكيّفت مع الحد الأدنى من موارد الحياة واستوطنت واعتمدت على الزراعة وتدجين الحيوانات وتركت خلفها حضارة ، وهي التي أنتجت مادة التنجيم​ بكامل خرافاته وأساطيره المملوءة بين نصوص فأل ونصوص تشاؤم
​
ورقة عن انتشار المحاصيل الزراعية خلال الهولوسين منذ 12 ألف سنة مضت

Picture

:::::::::::
​
في الواقع هناك سلوكيات كثيرة سلكتها البشرية أمام التغيرات المناخية كمثل : الحروب 
​
 حالات الحروب الناتجة عن الأطماع السياسية والبحث عن مقدرات جديدة تكفي لمواجهة الظروف المعيشية التي تحتمها تلك الظروف المناخية الصعبة

وتركيزي هنا على ردة الفعل البشرية وقتها أمام تلك التغيرات المناخية الضخمة وهي : حالة التنجيم
​​
:::
:::
​
يقول ليث مجيد حسين ، الأستاذ في جامعة ماربورغ الألمانية عن هذا الأمر ، نقلا عن دراسة عالم الآثار هارفي وايس
​
Harvey Weiss

​في جامعة ييل الأمريكية حينما قام بالتنقيب في تل ليلان في الحسكة بسوريا والواقع تحديدا عند التقاء اثنين من مجاري الأنهار الجافة في سهل الخابور قرب الحدود العراقية السورية
​
حيث كشفت الآثار التي استخلصها عالم الآثار هارفي وايس أن زوال وسقوط إحدى الإمبراطوريات التي سكنت حوض الخابور كان بسبب حالة القحط الشديدة والجفاف الطويل الذي ضرب تلك الجهة

إن دراسة الدكتور هارفي وايس والمنشورة في مجلة ساينس العلمية في شهر أغسطس 1993 زادت من وجود النظريات التي تؤكد على علاقة زوال وقيام الحضارات بالمناخ والتغيرات المناخية بشكل كبير
​
نقلا عن كتاب الإنسان والبيئة في الوطن العربي في ضوء الاكتشافات الآثارية ، أحد إصدارات مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية

​::::

إن هذه الدراسة نأخذ منها كيف كانت التغيرات المناخية تترك أثرا كبيرا على قيام وانهيار الإمبراطوريات القديمة
فما بالك بالتنجيم كحالة ثقافية انتشرت آنذاك في كثير من أبعادها كنوع من أنواع الاستجابة لتأثيرات التغيرات المناخية

هذه الاستجابة لا تزال موجودة في المجتمعات البشرية ، وهي سلوك طبيعي ، ولكن المشكل فيه حينما تتمخض تلك الاستجابة عن خرافة كمثل خرافة التنجيم
​​
إن هذه الدراسة هي مثال على السلوك البشري الشائع عند حدوث التغيرات المناخية وهو : الهجرة
​
​وهي مثال أيضا على أن التغيرات المناخية تُحدث تغيرا كبيرا في الحياة البشرية
​ومن بين هذا التغير وجود خرافات وأساطير التنجيم كإحدى الوسائل القديمة لمواجهة تحديات ومصاعب التغيرات المناخية

فالسبب الذي تولّدت عنه الهجرة هو نفس السبب الذي تولّد عنه التنجيم

إن العقل البشري وقتها كان يدور في مخيّلته هذه المفاهيم حتى توصل لنقطة وإن كانت خاطئة إلا أنها تمثلت له حلا من الحلول لمواجهة التغيرات المناخية الضخمة

Picture


أزمنة التغيرات المناخية التي ساهمت في ظهور التنجيم

بناء على ما يذكره الدكتور عبد العزيز إلياس الحمداني في جامعة الموصل والباحث الأستاذ علي شحيلات
في سلسلة كتب تأريخ العراق القديم فإن مناخ العراق الحالي بما فيه من حرارة وغبار وقلة أمطار بدأ تقريبا
من 5500 قبل الميلاد

هذا الزمن الطويل للتغيرات المناخية كان خلف الصدى والتردد الطويل والمستمر لظاهرة التنجيم
(في بيئة التنجيم الأولى قديما والأكثر احتمالا ، بلاد الرافدين)
​
لك أن تتخيل أن بدايات التنجيم المقترحة آثاريا وتأريخيا منذ 5000 سنة مضت ولا يزال التنجيم إلى يومنا الحاضر باقيا بخرافاته وأباطيله وأساطيره ونصوص الفأل والتشاؤم الصادرة عنه

وهذا يدل على عمق وقوة تأثيرات التغيرات المناخية كعامل قوي في إيجاد حالة التنجيم كحالة ثقافية والتي استندت إلى أهم بيئة حافظت على بقاء خرافات التنجيم وأساطيره ، وهي حالة الجهل وغياب التفكير العلمي الصحيح 

:::::
​
الجدب وصفاء السماء ، وانكشاف النجوم

إن حالات الجدب طويلة التأثير ، والتي أدّت إلى صفاء السماء باستمرار وبأوقات طويلة ، جعل من سكان الشرق الأوسط الأوائل يهرعون إلى ما في السماء من نجوم وكواكب
ظنوا أنها خلف كل التغيرات الكبرى في حياتهم ومعيشتهم وعقيدتهم أيضا
ووجدوا فيها حلا
​
فكانت النجوم والكواكب وسائل للوصول إلى الحدث الذي أثّر فيهم أو سيؤثر فيهم لاحقا
ومع وقع رنين التغير المناخي وصداه المستمر ، توالى استخدام التنجيم

ذلك الحل خاطئ تماما ، فلا علاقة أصلا بين المناخ وبين الأجرام السماوية ، ولا علاقة بين الأجرام السماوية والزراعة ، ولا علاقة بين الأجرام السماوية والحالة الاقتصادية ، ولا علاقة بين الأجرام السماوية وبين السياسة والسعادة والشقاء والحياة والموت والجدب والخصب

إن فقدان المعرفة الصحيحة دافع لاقتناء الوسيلة الخاطئة ، واستمرار فقدان المعرفة الصحيحة دافع أيضا لبقاء الوسيلة الخاطئة ونمو المفاهيم الخاطئة باستمرار مع الزمن
​​
:::::::
​
إن التغيرات المناخية في منطقة الشرق الأوسط تختلف بحسب الموقع والزمن

​ فمنطقة حوض الرافدين كانت تتعرض لموجات جفاف شتوية أكبر من القسم الجنوبي من شبه الجزيرة العربية
خلال 6 آلاف سنة ، منتصف الهولوسين
كما نرى في هذه الأوراق

Early-Holocene greening of the Afro-Asian dust belt changed sources of mineral dust in West Asia
Arash Sharifi, Lisa Murphy, Ali Pourmand, Amy Clement, Elizabeth Canuel, Abdolmajid Beni, Hamid Lahijani, Doriane Delanghe, Hesam Ahmady-Birgani ​

هذه الأوراق تتحدث عن حالة الغبار والنبات في الصحراء العربية والأفريقية ، حينما كانت تلك الصحراء خضراء في منتصف الهولوسين

Picture

يرى الباحثون أن صحراء جزيرة العرب والصحراء الكبرى كانت أقل غبارا وقتها ، نظرا لكثافة الغطاء النباتي
بينما كانت هناك إشارات لوجود ظاهرة الغبار على منطقة حوض الرافدين ، وهي البدايات التي انتشرت في بقية الأجزاء
لاحقا مع تعمقنا في الهولوسين

هذا التحسن في الغطاء النباتي تدعمه الأحافير في منطقة شبه الجزيرة العربية والتي كانت تقول بأنها كانت تمر بفترة مطيرة خلال منتصف الهولوسين

وفق الأبحاث الآثارية في جزيرة العرب حول آخر فترة مناخية خصبة طويلة عاشتها جزيرة العرب 
يُقدّر أ.د زيدان أنها خلال الألفين السادس ثم الخامس قبل الميلاد
​ أي من 6200 قبل الميلاد .. حيث كانت جزيرة العرب تنعم فيها بالأمطار وانتشار البحيرات والمراعي وازدهار الحياة


وهذه هي الخريطة للأمطار والرياح وحالة الغبار الضئيل آنذاك نظرا لغزارة الأمطار وانتشار الغطاء النباتي
​ خلال منتصف الهولوسين
​أشهر الصيف والشتاء

Picture

:::::
​
معظم الأبحاث تشير إلى أن منطقة شبه الجزيرة العربية كانت أفضل حالا في هطول الأمطار آنذاك في منتصف الهولسين من حال بلاد الرافدين ، ومعظم التسميات القديمة لجزيرة العرب خاصة جنوبها "أرض الطيوب" هي تسميات صحيحة مطابقة للواقع آنذاك

تذبذب الرياح المدارية آنذاك كان يدفع بالرياح المدارية الشرقية الرطبة من المحيط الهندي إلى صحراء شبه الجزيرة العربية من خلال هذه الدراسة التي تركز على أثر تذبذب الرياح المدارية في منطقة المحيط الهندي وجزيرة العرب
خلال هذه الخريطة التي توضح الفرق بين فترة منتصف الهولوسين والفترة الحالية
​
The influence of Indian Ocean atmospheric circulation on Warm Pool hydroclimate during the Holocene epoch
J. E. Tierney,  D. W. Oppo,  A. N. LeGrande,  Y. Huang,  Y. Rosenthal, and B. K. Linsley

Picture

يبدو في المحاكاة كيف كانت تتدرج كتلة المطر قبل 6 آلاف سنة مضت وفق النماذج المحاكية تلك الفترة ، تتدرج مضيا من جزيرة العرب مرورا بالمحيط الهندي انتهاء بالقارة البحرية ، وهو أمر لا يزال شبيهه يحدث اليوم على مستوى تذبذب الرياح المدارية من خلال حركة كتلة المطر الناتج عن الحمل الحراري وحركة الرياح المدارية بمشيئة الله

في نهايات فترة الخصب القديمة كانت مواسم الصيف والخريف أفضل حالا في جزيرة العرب من فترة الربيع والشتاء

كانت درجات الحرارة صيف جزيرة العرب أبرد من شمالها نظرا لانتقال الرياح المدارية الموسمية الصيفية شمالا بدرجة أكبر من العصر الحالي ، على أن هذا الأمر لا يزال إلى اليوم يحدث ولكن ليس على وقع طويل التردد بل على هيئة نبضات ما تلبث أن تخبو

هذه خريطة الفرق بين درجات حرارة منتصف عصر الهولوسين قبل 6 آلاف سنة وبين الفترة الحالية
للأشهر الصيفية من شهر 6 و 7 و 8 و 9

Picture


​وكانت الأمطار تلك الفترة الصيفية للأشهر 6 و 7 و 8 و 9 شاهدة على تلك الحقبة المطيرة

Picture

كانت شدة الأمطار والأجواء الباردة على القسم الجنوبي من شبه الجزيرة العربية في تلك الأشهر
بين شهري 6 و 9

وكانت الأسطورة القديمة جدا - أسطورة التنجيم - والتعويذة المشهورة

إذا طلع سهيل برد الليل .. إذا طلع سهيل لا تأمن السيل

هذه العبارات التي صدرت عن المنجمين الأوائل قبل الإسلام في جزيرة العرب حتى وإن كانت خاطئة في ربط النجم بالحدث الأرضي على طريقة المنجمين البابليين الأوائل ، هي كانت تحكي فعلا أحوال مناخ جنوب شبه الجزيرة العربية تلك الفترة منتصف الهولوسين

هذه العبارة المستخدمة في التنجيم القديم هي من الخرافات المنتشرة حتى اليوم
​ ترديد هذه المقولة وهي قد باتت أصلا منزوعة من كل معاني الصحة ،، حيث انتهت هذه المقولة بارتحال تلك الحقبة الباردة صيفا والمطيرة عن جنوب جزيرة العرب

​:::::::::::::::::::::::

ختاما
​
​حالة الجهل السائدة

حالة الجهل لا تزال تستوطن الشرق الأوسط بالرغم من الحضارة ، ولكنها حالة جهل لا نستطيع وصفها إلا بسقطة من سقطات التعليم في هذا العصر ، والذي كان من الواجب فيه أن يتم تحييد هذه الخرافات والتنجيم بعباراته
ككل وإزالته من عقول ساكني هذه المنطقة التي لم تعرف الهدوء مناخيا أبدا إلى اليوم منذ عصور بابل وما قبلها

إن أول خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إنقاذ سكان منطقة شبه الجزيرة العربية من أنواء بابل والتنجيم القديم
والخسائر اليومية المترتبة على الإيمان بهذه الخرافات
​
​هو تبيان قصة هذا التنجيم المنزوع من كل معاني الصحة ، والمملوء بكل الأوهام والخرافات ، والمخالف تماما لشريعة الإسلام التي جاءت وولدت في مهد أرض كل من حولها يتداول التنجيم

الإسلام الذي جاء نقيا من ذلك تماما ، وشق طريقا واضحا جدا للسلامة من ذلك الضياع
وهذا ما سنعرفه إن شاء الله في الأطروحات التالية
​​
​::::::

الطرح التالي بمشيئة الله سيكون حول التنجيم من ناحية مكوناته وخرافاته عند بابل والعرب قديما وحديثا
ويليه الطرح الثالث بمشيئة الله : موقف الإسلام من التنجيم ، تنبيهات وحلول

​والله ولي التوفيق

كتبه : خالد العتيبي

    Archives

    June 2020
    May 2020
    November 2019
    August 2019
    July 2019
    December 2018
    August 2018
    June 2018
    March 2018
    February 2018
    December 2017
    November 2017
    October 2017
    September 2017
    August 2017
    June 2017
    May 2017
    April 2017
    March 2017
    February 2017
    January 2017
    December 2016
    November 2016
    October 2016
    September 2016
    August 2016
    July 2016
    June 2016
    May 2016
    April 2016
    March 2016
    February 2016
    December 2015
    October 2015
    September 2015
    August 2015
    July 2015
    June 2015
    May 2015
    April 2015
    March 2015
    January 2015
    December 2014

Khalid Al-Otaibi